الولاية الأولى والثورة التحريرية من خلال الكتابات التاريخية (1954-1956)

الملخص

تهدف هذه الدراسة إلى إبراز وتحليل إحدى أهم الفترات التاريخية من عمر الثورة التحريرية، والمتمثلة في فترة اندلاع الثورة بالأوراس وما سبقها من اجتماعات تحضيرية تحت إشراف قائدها مصطفى بن بولعيد بالمنطقة الأولى، حيث ساهم بحنكته العسكرية والسياسية في الأعداد للثورة، وإبقاء فتيلها بمنطقته مشتعلا رغم الحصار الفرنسي الذي فرض عليها، وهو الأمر الذي سبق وأن تعهد به أمام القادة الثوريين في انتظار التحاق باقي المناطق، خاصة وأن انطلاقتها جاءت في ظروف استعجالية نظرا لما مربه قادتها بعد انقسام حزب الشعب الذي جمعهم، الأمر الذي جعلهم يصرون على العمل الثوري كحل نهائي للخروج من هذه الأزمة التي أغرقت أعضاءه في تيار الانقسامات.

واستنادا إلى ذلك فقد كتب للأوراس وسكانه شرف احتضان الخلايا الثورية من خلال توفير شروط الاستعدادات الحديثة من تدريب على السلاح وتوزيعه، والتمرن على فنون القتال، الأمر الذي صعب من مهمة الوحدات العسكرية الفرنسية في إخماد الثورة بها.

كما سنتطرق إلى الجانب التنسيقي بين المنطقة الأولى والمنطقتين الثانية "الشمال القسنطيني" والثالثة "القبائل"، وأهم مميزاته خاصة أمام اعتماد القادة الثوريين مبدأ اللامركزية في اتخاذ القرار عند انطلاقة الثورة وغياب المنسق العام الوطني محمد بوضياف، بناء عليه وفي سياق الأحداث المتسارعة بالأوراس ولمعرفة طبيعة المنطقة وخصوصيتها ورد فعل السلطات الفرنسية حول اندلاع الثورة بها، فقد اعتمدنا على ما توفر لنا من بعض الوثائق الأرشيفية الفرنسية خلال الفترة 1954- 1956 مع توظيف ما تيسر لنا من مصادر تاريخية لتغطية هذا المقال والإحاطة بجوانبه، خاصة وأن عملية البحث في هذا الموضوع تعد أمرا إلزاميا على الباحث الأكاديمي من أجل الوصول إلى حقائق علمية تاريخية تتطابق مع الحدث التاريخي للثورة التحريرية.